بعد أن انتقل من وضع الضحية إلى منزلة «البطل الوطني" بعد إطلاق سراحه بعد أكثر من خمس سنوات من الأسر تحول الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط إلى رمز في الدولة العبرية.
ولكن شاليط الذي كان في 19 من عمره يوم اختطف في يونيو/حزيران 2006 على يد مقاتلين فلسطينيين عند الحدود مع قطاع غزة والذي كان طموحه بعد تحريره حياة هانئة وهادئة عاد مجددا إلى أضواء المشهد الإعلامي.
وتحديدا بعد أن نشر الصحافي بان كاسبيت مقالة في يومية "جيروزليم بوست" لخص فيها وقائع التحقيق العسكري الذي خضع له الجندي جلعاد شاليط بعد عودته إلى دياره. الصحافي الذي نأى بنفسه عن إصدار الاحكام تجاه سلوك "ابن الجميع" في لحظة اختطافه ترك جردة بأخطاء لا ترحم ارتكبها الجندي شاليط خلال ذلك.
وفي المناسبة يورد الصحافي الاسرائيلي أن شاليط أكد خلال التحقيق الذي خضع له "أنه يعرف بأنه لم يقم بواجبه كجندي ولا بالحد الأدنى المطلوب لتجنب الأسر".
"الخارج كان خطرا الداخل كان محميا"
تقول السيرة التي رواها كاسبيت أن في 26 يونيو/حزيران غفا شاليط عند الرابعة و35 دقيقة فجرا داخل دبابته في حين كان واجبه يفرض عليه أن يظل مستيقظا، خاصة أن الاستخبارات الداخلية الإسرائيلية "شين بيت" كانت حذرته قبل ذلك وخلال اجتماع من احتمال تسلل مقاتلين من حماس لاختطاف جنود إسرائيليين. ولكن شاليط كما نقل عنه كاسبيت قال "لم أكن أصغي، كان القائد الذي أثق به هو الذي يصغي لهذه التحذيرات".
وحين تعرضت دبابته "ميركافا 3" لصاروخ نهض جلعاد شاليط مرعوبا من نومه. سلاحه الفردي كان مركونا إلى جانبه، لم يكن يرتدي خوذته ولا سترته المضادة للرصاص. وبعد ثوان قليلة على الانفجار انتبه شاليط أن الضابط هنان باراك والرقيب بافل سليتزكر- قتلا في الكمين- يخرجان بسرعة من الدبابة وبدل الالتحاق بهما، فاجأه الحدث وشله ففضل البقاء في الآلية. قرار أنقذ له حياته وشرحه للمحققين بالقول " الخارج كان خطرا والداخل كان محميا".
وبحسب كاسبيت كان بوسع الجندي الشاب فتح النار، حتى من دون الاضطرار إلى تعريض نفسه للخطر، فقط كصفارة إنذار وطلب للنجدة من القوات الإسرائيلية المتمركزة عل مسافة 200 متر من دبابته. وبدل من ذلك وبعد أن فهم أن رفيقيه قتلا وسمع صوت ارتطام جسديهما بالأرض على مقربة من "ميركافا" أخذ في "الصلاة لينتهي كل شيء بسرعة".
من الخارج ألقى المقاتلان الفلسطينيان قنابل يدوية في برج الدبابة، لم تصب شظاياها شاليط إلا بجروح طفيفة، فاستبد به الهلع وانتظر دقائق قليلة حتى تبدد دخان القنابل ليقرر الخروج من مخبئه بدون سلاحه.
"قصة إنسانية حزينة ومؤثرة"
ويضيف بان كاسبيت "فقط لو امتشق جلعاد شاليط رشاشه وراقب مهاجمه وهو يتسلق آليته وأطلق النار عليه لكان بوسعه قتله بسهولة" ويتابع ولكان المهاجم الفلسطيني الثاني لاذ في هذه الحالة بالفرار. ويتأسف كاسبيت، بدل ذلك تحول شاليط إلى أسير دون أن يقاوم ودون أن يستعمل أي سلاح من الأسلحة الكثيرة التي بحوزته في الدبابة والتي تمنحه "تفوقا عاليا على مهاجميه".
يضاف إلى ذلك، يقول الصحافي الإسرائيلي، أن شاليط بعد أسره بدا متعاونا مع خاطفيه اللذين توجها بسرعة نحو المعبر الذي يفصلهما عن قطاع غزة. وبدل أن يعيق سرعتهما لكسب دقائق ثمينة تصل خلالها تعزيزات إسرائيلية بدأ ببساطة «يركض معهما صوب المعبر... المهاجمان طلبا منه حث الخطى وهو استعجل في تنفيذ ما طلباه منه". وهكذا بدأ أسره الذي دام 1941 يوما
ويضيف الصحافي الإسرائيلي "ربما لم يكن من المناسب ضم شاليط إلى وحدة مدرعات فمن المحتمل بأنه لم يكن ببساطة مؤهلا لذلك". فحين أصيبت دبابته يضيف كاسبيت صدم شاليط وفقد كل قدرة على الحركة، ويصف الكاتب الجندي شاليط بشاب عاطفي وضعيف ويختم مقالته " لا توجد بطولة في هذه القصة، فهي قصة إنسانية حزينة ومؤثرة في نفس الوقت".